الأربعاء، 26 أغسطس 2015

ماذا لو... بيت لكل جندي عراقي


الجندي العراقي، يقاتل نيابة عن العالم، قوى الإرهاب الدولية، التي تريد العودة بالتأريخ الى الوراء، ففي حين، العالم يكتشف كواكبا جديدة تشبه الارض في بيئتها، قد تصلح مكانا للعيش، داعش –رمز الارهاب الجديد- تفكر بمنطق الجزية التي يدفعها الآخر "عن يد وهم صاغرون". وحده الجندي العراقي، ابن الملحة، ابن أم عصابة، ابو خليل او ماشئت من الاسماء المحببة التي يطلقها عليه الشعب، يقاتل بمرتب قدره أقل من الف دولار!! أليس هذا بعجيب، والكارثة انه اذا ما أستشهد، او تعوق، يُنسى كأنه لم يكن يوما ما، جدارا يصد عنا الموت.
قال لي احد الجنود الفارين متسائلا بألم: استاذ احنا ألمن نروح نقاتل ونموت؟ حتى غيرنا يلعب بالمناصب؟ حتى ولد المسؤولين يتونسون في دول اروبا؟. سكتُ، انه يتكلم صدقا وألما، الداعشي يأتي محملا بفكر يشجعه على الموت، لانه –حسب ظنه- سيتغدى مع النبي، وايضا، سينكح ما شاء من الكواعب اترابا، لماذا يقاتل الجندي العراقي؟ لا شيء، لا مرتب جيد يبني به حياته ويشجعه على المضي قدما، ولا راحة لأهله من بعد موته. ستقولون والوطن؟ أقول لكم، اي وطن، وطن السنة ام الشيعة؟ لنكن صريحين بدرجة كافية من الشجاعة، لقد تلاشى الشعور بالوطن منذ اكثر من ثلاثين عاما، عندما اصبح الوجود في هذا الوطن، يعني حروبا عبثية وحصارات لا علاقة بالشعب بها، بل هو –الشعب- أول المتظررين منها، اي وطن، وهو يباع في مزادات الفساد والخيانات والتبعيات والموت المجاني الذي يتجول في شوارعه، حاصدا ارواح الشباب وهو يصفّر غير عابها بنواح الامهات والزوجات المترملات بعمر الورد؟ اعتقد اننا يجب ان نمنح الجندي العراقي –غير التقدير الكبير- منحة ما، تجعله يقاتل من اجلها كما لو كانت، جنة تشبه جنة الوهم التي تسيطر على العقل الداعشي، لكنها جنة حقيقية.
يموت العراقي ولا بيت له، الا اذا ورثه، او فسد في وظيفة، او تشاطر في تجارة، البيت في العراق حلم لن يستطيع اليه سبيلا الا ذو حظ عظيم، كان صدام حسين يدرك هذه الحقيقة، فكان يمنح قطع الاراضي الى الموظفين ومعها منحة المصرف العراقي، يبني الموظف بيته ربما بعشر سنين، ويسدد من مرتبه، عبد الكريم قاسم من قبله، لا يزال خالد الذكر في بغداد على الاقل، لأنه ببساطة، منح الفقراء بيوتا صغيرة، ومنح الضباط منازلا كبيرة في زيونة والضباط واليرموك، وقد مات المسكين وهو لا يملك بيته الخاص.
يدافع الجندي عن وطنه، من لا بيت له، لا وطن له، علامَ يدافع ابن ام عصابة؟ لا شيء سوى مبلغ من المال يستلمه في آخر شهر المراوغة مع الموت، مليون وفوقه كم الف، وماذا بعد؟ عطش وسماء كاوية، وصحراء حارقة، وعدو يقطع الرأس كما لو كان يدخن سيكارة. السؤال المهم، كيف نحافظ على الجندي ونمنعه من التسرب؟ دعونا نمنحه وطنا حقيقيا يدافع عنه، وطن صغير، شعبه، هُمْ أهل الجندي نفسه، امه وابيه وزوجته وأطفاله، دعونا نمنحه منزلا حقيقيا، لكن كيف؟ دعونا نحلم:
ماذا لو استحدثنا في كل محافظة، حيا سكنيا بأسم حي الابطال (لاحظوا رمزية التسمية)، قطع اراضي بواقع 150 مترا توزع على كل جندي يقاتل او قاتل الارهاب لأكثر من ستة أشهر، ومعهم طبعا، الشهداء والجرحى؟ هذا لن يكلف الدولة سوى بعض التخطيط والتنسيق مع الدوائر ذات الصلة، ماذا بعد؟ انتشر في العراق، البناء الحديث، ما يعرف بالبناء الجاهز، ان كلفة بيت صغير يكفي عائلة متوسطة، لا يتجاوز 20-30 مليون دينار عراقي تقدمها الدولة الى شركات البناء الحديث، في شهر واحد، تستطيع هذه الشركات اكمال البيت، ويتم استقطاع مبلغ وقدره (الف) دينار عراقي شهريا من الجندي –أقل من دولار- على ان يبقى مستمرا في الخدمة، فإذا انقطع او هرب، يصادر البيت. هل هذا صعب التنفيذ؟ لا طبعا، في حسابات الدول، يبدو الأمر سهلا، كل ما نحتاج اليه، مقدارا من الوعي والاحساس بالمسؤولية الابوية لهذا الكائن الذي يفترش الصحراء ويتلحف السماء بين أزيز الرصاص الذي يعبث معه كل يوم.
متى نرى هذه الاحياء البطلة؟ اني أحلم.


  (حين وقفت الحرب) كنت ألعب البليارد في محل ماجد النجار في منطقتي القديمة، حي الأمانة، وكنت لاعبا قويا، ولكن مثل الحياة، حتى اللاعب القوي في...