الأربعاء، 6 يونيو 2012

حكاية اطفال صغار، لا يكبرون ابدا





الشوارع تغص بقطع الحداد السود
واحدة تلوح بالهواء
"الشهيد السعيد اسعد محمد حسين"
اليك هذا النشيج






خطواتهم البكر على قارعة الطريق مسحتها الريح، بقيت ملامح حزينة لاطفال شجعان، كانوا يدخنون خلسة في ساحة المدرسة ويشربون البيرة والعرق احيانا.. سرمد ابراهيم البصري، احمد جاسم طاهر خنجر، محمد علي فاضل، الكردي (الفيلي) نعمة عباس، قصي مرهون، احمد جعفر، احمد حسن، فؤاد كريم، نزار الشاطر، اثيل جوزيف الكسندر ناثان الهندي، وحسنين محمد درويش واحمد نذير  وآخرون ضاعوا من ذاكرة مثقوبة وحلت محل اسمائهم، اسماء مدن منافي وصقيع محتمل...
الصغار كانوا يتسكعون في شارع فلسطين، يعاكسون فتيات ثانوية القناة للبنات، يتبادلون ارقام الهواتف بحياء، والفتى الاشقر، اسعد محمد حسين، اكثرهم صيدا، كان اوسمهم، كان جيمس دين شارع فلسطين.. الاطفال الصغر يسبونه، انعل ابوك يابو ولك خلينا كم وحده (بنت)، احمد جاسم ينشد اغنيته الازلية: "اسعد محمد حسين تـــ ...... زين" يضحك اسعد على حياء ويحمر وجهة الاشقر، ونمضي لنشتري سكائر (بالمفرد) لنعاكس فيها مدير المدرسة الشرس، البعثي المنشق، مسئول تايه عبد الكريم ونعيم حداد السري، معذب الشيوعين في الحلة، مدرس الرياضيات الخطير، ربما كان الوحيد الذي يخافه الدكتاتور فمنحه ادارة مدرسة خاصة جدا مرتبطة بالتعليم السويدي، الثانوية الشاملة، هذا المدير لا انساه ابدا، مجبل هاشم نجم الزبيدي... الصبية كانوا صغارا، واحلامهم صغيرة مثل العصافير، كبيرة مثل السماء، كانوا يجلسون على حافات الصفوف الزجاجية، ينظرون من خلالها الى توابيت الشهداء، تقف امام مركز القناة في طريقها الى بيوت الفواجع، النساء يلطمن من حولها والرجال يصرخون (يابوية)، والشرطة يدخنون بصمت، كل يوم عشرة شهداء في ايام الهجومات، وشهيد واحد على الاقل في ايام السلم، بلد غص بشهدائه حتى تهرأ جسده دم.. 
الاطفال الصغار كبروا، صاروا اطفالا من بنفسج، ذهبوا الى الحرب، الى وادي الموت الازلي، انقطعت بهم سبل التواصل، فالحرب تقطع اسلاك الذاكرة، الحرب وحدها التي لها القدرة على مسح الحب من الذكريات، بنات القناة كبرن وتزوجن ولطمن على اولادهن، والاطفال الصغار، مات احدهم فلفوه بعلم وسلموه الى اهله وفوق جثته سيارة تويوتا (كرونة) وشقة، ليهتف اخوه بهستيريا ": ها.. ها... ها استشهد خوية استشهد، ها استشهد خوية... خوس تيوتا ام التبريد".. و تبرد احلام الصغار الذين خرجوا من الحرب بقدرة صاروخ فاسد او رصاصة ظلت طريقها ليغرقوا من جديد في حرب العمل، العمل كي تسد جوع البطون في الحصار الاقتصادي، يا عيني على هذا الوطن، يخرج من حرب ليدخل الى نفق جوع، الحرب ارحم، نريد ايام الحرب لا الجوع، الشعب يتضور ذلا والقائد الاعور، اقصد الاوحد يبني القصور الشامخات بخزي العراقيين يتسولون الذل في الساحة الهاشمية في عمان النشامي (الله يعطيك العافية) اجرتهم اليومية وهم يعملون مهن غير انسانية، والصغار لم يكبورا بعد، وانتهى الحصار بحرب جديدة، سرمد يهرب الى المانيا، محمد الفيلي يهرب الى السويد، احمد جاسم يهرب الى منزله، احمد الجبوري الى مصر، فؤاد كريم الى الامارات، نزار الشاطر تدهسة سيارة اسعاف ويرحل لا ادري الى اين..... نعمة عباس يفتح دكانا، قصي مرهون يختفي، حسنين المهندس واحمد نذير لا ادري اين، اسعد محمد حسين يذبل في احد كراجات بغداد، موظف ضرائبي يحصي الباصات التي تخرج والتي تدخل وفي عنقه حفنة اطفال، وكومة احلام هاربة، ثم ينقل اوراق وظيفته الى قبره، الى الوقف الشيعي، جاب لضرائب الوقف، حتى الاديان لها ضرائب؟
بقي الاطفال يتراسلون من بعيد، ها رسالة هنا، ها مكالمة سريعة هناك، ها لقاء خاطف هنا، الكل لاه في قدره، وعندما يخنقهم العوز يلتقون ويستذكرون بنات ثانوية القناة، ياه، تلك الشقراء وتلك السمراء وتلك البدينة التي احبها احمد جاسم طاهر وتلك التي كانت تقف في باب المدرسة تنتظر محمد الفيلي، ياه، ونضحك، استاذ تحسين ابو العربي يكولون تزوج اخيرا، ايييييييييييي خطية، واستاذ حارث المعاون ومجبل هاشم الزبيدي المدير، اكلكم شخبار مجبل، والله سمعت بيه انهزم من صدام لان راد يعدمه بالتسعينات هسة هو بلندن، ايباه، واستاذ فازع العاني ابو الرياضيات، خطية مات، ناس يكولون مات بالسكتة القلبية وناس يكولون قصي ابن الدكتاتور خطفة وقتله لان فد مرة استاذ فازع منع قصي من الغش بالامتحان من دخلوا الحماية اجوبة الامتحان جاهزة لاستاذ قصي، وهو فازع جان مراقب الامتحان ، فضمها اله قصي وقتلة، لالالالا، لا ما معقولة يمعودين هو منو يمنع قصي اذا راد يغش بالامتحان، بس تدرون فازع العاني جان أأنق رجل بالعالم ما شفناه بقاط مرتين ابدا، اي، اكلك وهذا المدرس ابو الاحياء، عم نزار، اكلك ترى خطية نزار مات سحكته سيارة بالليل اي خطية مو هو يلبس مناظر جعب استكان، ايباه، تدرون اثيل جوزيف الكسندر ناثان صار طبيب تخدير مشهور يمكن باستراليا لان اهله انهزموا لاستراليا، زين وهذا فؤاد كريم نعمة الله، الله هذا جان اكثر ولد بينا مؤدب، ما ادري شلون يمشي ويانا احنا حتى عرك شربنا بالمدرسة هههههههههههههههه تتذكرون ابو الانكليزي استاذ هتلرمن اشتم ريحة العرك بحلك حامد وسرمد البصري وغلس هههههههه خرب عرضك سرمد باك من عرك ابوه وجابه للمدرسة وشرب هو وحامد ومحمد يمكن، ايباه سرمد شكد جان وكح، اكلكم ابوه دكتور ابراهيم البصري وين صار، دكتورابراهيم البصري، يكولون صدام سجنه مؤبد بسجن رقم واحد، لان جان يحجي عليه بالجلسات الخاصة، تدرون هو جان طبيب صدام الخاص وعدنان خير الله ويعرف هواي اشياء، وطلع من سجن رقم واحد ورا تحرير العراق، تقصد احتلال، دتطير يمعود، تحرير العراق، اهووووو اشتغلت الوطنية، خلي اكمل، كمل يابه، اي لان مرته المانية دكتورة كدرون ام سرمد، سوى جمعية الصداقة العراقية الالماينة، بعدين خطفوه، وطلبوا عليه فدية، ودفعت ام سرمد يمكن اربع دفاتر، اربعين الف دولار، بس تعيش هاي السنة السابعة وهو ماكو، ايباااااااااااااه كتلوه، يمكن، خطية وسرمد، سرمد بالمانيا، متزوج وعايش هناك، اي مو هو عنده جنسية المانية، نياله،  تررررررررررررررررررررن تررررررررررررررررررررررررررررن
 يالله شباب دك الجرس .....


شهيد الوقف الشيعي اسعد محمد حسين

من اليمين.. انا والاستاذ تحسين مدرس العربية والاستاذ حارث معاون المدرسة والصديق سرمد ابراهيم البصري والشهيد اسعد محمد حسين

من اليمين: احمد نذير وحسنين محمد درويش وسرمد ابراهيم البصري والشهيد  اسعد محمد حسين
الشهيد اسعد محمد حسين يُخرج جثمانه من بين الانقاض




هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم اخي انا اسمي احمد عبد القادر كنت رىيس اللجنه الاتحاديه في الثانويه الشامله ايام الاستاذ مجبل هاشم نجم الزبيدي الصوره التي لديك للاستاذ تحسين والاستاذ حارث رجعتني اكثر من ٢٥ سنه للوراء

    ردحذف

  (حين وقفت الحرب) كنت ألعب البليارد في محل ماجد النجار في منطقتي القديمة، حي الأمانة، وكنت لاعبا قويا، ولكن مثل الحياة، حتى اللاعب القوي في...