الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

المجرم الرومانسي

نقلا عن جريدة الصباح البغدادية
23/10/2011سامر المشعل
 المسلسل المثير الذي فاجأنا به السيناريست حامد المالكي في رمضان الماضي واقصد به مسلسل (ابو طبر)، أثار المشاهدين واستحوذ على اهتمامهم بذات الوقت، استثار النقاد والكتاب وحفزهم على الكتابة، ومن ضمن الاشياء، التي تستدعي الكتابة والتوقف عندها، هي الصورة المشاكسة والمثيرة، التي هزت النسق الدرامي واخترقت الاجواء السائدة والمعتادة في الدراما العراقية والعربية، واعني شخصية البطل وهو (ابو طبر)، الذي جسد هذه الشخصية بنجاح الممثل كاظم القريشي، وكان هذا العمل منصة لانطلاقه نحو النجومية الجماهيرية، فقد اظهر الكاتب حامد المالكي ابو طبر وهو مجرم خطير وقاتل محترف وسفاح أثار الرعب والهلع داخل جدران البيوت البغدادية الآمنة وقض مضاجعهم..



 

شخصية ابو طبر التي ظهرت في السبعينيات هي بداية لموجة الارهاب التي اجتاحت بغداد، وكان يحرك هذا الارهاب بالخفاء النظام السابق، مثلما اكد اكثر من كاتب ولعل ابرزهم المفكر حسن العلوي، وايضا ذهب المسلسل هذا المذهب باشارات واضحة، لكن الشيء الصادم ان الكاتب حامد المالكي، اظهر لنا بطل المسلسل المجرم القاتل، رجلا وسيما وبكامل اناقته وشياكته، ولم يخلع البدلة وربطة العنق طيلة العمل، والابتسامة لم تفارق محياه، ويظهر ابو طبر رومانسية تجاه طبيبة الاسنان، التي تمر من امامه فيعجب بها ويتبعها الى عيادتها، فتنشأ بينهما علاقة فورية وبالعيادة    نفسها يمارس معها الجنس، ثم تصدم حبيبته الطبيبة، عندما يتم القبض عليه، وتعرف انه المجرم ابو طبر لم تصدق ذلك، وتذهب لزيارته في الزنزانة لتتحدث مع ضابط السجن عن طيبته وعطفه.. وفي بعض المشاهد يجهش ابو طبر بالبكاء، بعد ان يقتل ضحيته، لكن حامد المالكي تصرف بذكاء عندما المح الى ان ابوطبر مضطرب نفسيا، ليبرر سلوكه المتناقض انسانيا.
معروف ان المجرم والقاتل، يختاره المخرج بملامح توحي بالشر والعدوانية ويضفي الماكير على الشخصية، التي تؤدي هذا الدور مزيدا من البشاعة، لاستظهار قتامة روحه وخلوها من نزعة الخير والانسانية، لكن الذي حصل في ابو طبر، الذي ارتسم في اذهان الناس، بأنه سفاح بشع، يظهره حامد المالكي، شخصا وسيما وانيقا ورومانسيا، وهذه هي الصدمة، التي اربك بها الكاتب النسق الدرامي المتعارف عليه. لا الوم المالكي على هذا الانحراف بالدراما العراقية، ولست في معرض نقده، بل على العكس من ذلك اشيد بذكائه المتقد والمشاكس، فهو يلمح الى شخصية القاتل والمجرم الحداثوي، بزيه ومنطقه الجديدين، وهناك الكثير من القتلة بين ظهرانينا، الذين يظهرون بكامل اناقتهم وحرصهم الوطني، ويضمرون في دواخلهم روح الشر والعدوان للناس، وهذه الوحوش الكاسرة اخذت بالتزايد في المشهد السياسي العراقي والعربي.. وقد نضج الكاتب هذه الفكرة، بمشهد الاعدام الاخير، وكان اكثر من رائع ومثير، عندما يتم اعدام ابوطبر، لكنه لا يموت، باشارة واضحة، بأن اسطورة ابو طبر لم تنته ومازال هناك الالاف من ابوطبر يذبح ويقتل ويملأ ارض العراق رعبا. 

هناك تعليق واحد:

  (حين وقفت الحرب) كنت ألعب البليارد في محل ماجد النجار في منطقتي القديمة، حي الأمانة، وكنت لاعبا قويا، ولكن مثل الحياة، حتى اللاعب القوي في...