نقلا عن جريدة الاتحاد
علاء مشذوب عبود
مسلسل أبو طبر من الناحية الفنية الى قسمين الأول منه يبدأ بدوامة الفزع والخوف الذي احاطت بالمجتمع العراقي بعض فترة السبعينات ويتهم في جريرة ذلك الموضوع الكثير من الشباب لينتهي عند الحلقة (21) عندما يمسك القاتل حسب إدعاء المسلسل.
والقسم الثاني هو التداعي للحلقات التسعة التي بطلها بجدارة أبو طبر (كاظم القريشي) في إيغاله بجرائم القتل التي يعزوها الى الاضطهاد الجسدي الذي رآه من أحد الضباط لصديقه في معسكر التدريب، الذي أدى بالنتيجة الى احتراف القتل كدفاع عن النفس في البداية ثم هواية ورغبة ومن ثم الى احتراف القتل كمهنة يعتاش منها. ولكن قبل ذلك لماذا ظلت رغبة القتل تعتمل داخله وتحركه دون شعور لارتكاب مثل هذه الجرائم حتى في ألمانيا دون مسوغ سوى رغبة القتل مع سبق الإصرار والترصد، وهل جريمة القتل الأولى مبررة لأن تكون فاتحة شر على كل المحيطين به من الأقرباء لكي يجعلهم مثله داخل دائرة الحقد والكراهية حتى لا يرى في المرآة قبح بشاعته، وعيشه كحشرة طفيلية على دماء الآخرين .
وهل الظروف المعيشية القاسية مبرر كاف لاستباحة دماء وأعراض وأموال الآخرين لمجرد أنهم أفضل منه اقتصاديا واجتماعيا، أم أن هناك خللاً بيولوجياً أو سيكولوجياً داخل نفس الشخصية التي عاثت بالأرض فسادا .وبين تلك التساؤلات يضاء بصيص أمل عندما يلتقي بشخصية الدكتورة أمينة العراقية اليهودية وهي من أسرة مترفة وغنية جداً إضافة الى أنها وحيدة وسهلت القتل ومن ثم الاستيلاء على أموالها، بل وحتى البيت والإقامة فيه طول العمل، لكن نجد (أبو طبر) وقد تحول الى إنسان وديع مسالم مثل باقي البشرية يؤمن بالحب بأنه محرك الحياة والسبب الرئيس في ديمومة الحياة، وحتى عندما يلمح لها بأنه قد يكون (أبو طبر) فترد عليه بأنها تقبله حتى لو كان كذلك ؟وهنا لابد من الاستشهاد ببيت الشعر القائل :
أتزعم أنك جرم صغير
وفيك إنطوى العالم الأكبر؟
نعم إنه الإنسان هذا الكائن الذي يختزل الكون فيه مثلما تختزل كل الأديان والخليقة وكل المفاهيم الفلسفية فيه، وبالتالي تبقى البشرية تبحر داخل ذاتها دون أن تدرك كنه نفسها، وبالتالي فمن الصعب أخذ أي جانب من الجوانب التي عملت على تكوين شخصية أبو طبر وإهمال الجانب الآخر؟
وهل نمتلك الجرأة، إذا قلنا إن مسرحية (أوديب ملكاً) للمؤلف أسخيلوس التي ألفت ومثلت من على المسرح بمئات السنين قبل الميلاد، كانت في القرن العشرين الفتح الكبير لعالم النفس سيغموند فرويد في إيجاد نظرية علم التحليل النفسي التي هزت العالم وغيرت مفاهيمه، من أن يأخذ مسلسل (أبو طبر) ولو جزءا من اهتمام علماء النفس العراقيين ولا نقل العرب أو العالم، في أن هناك ظاهرة تسمى (أبو طبر) قد روعت الشعب العراقي في عام 1974، حتى تحولت الى ظاهرة وبالتالي فهي تستحق الدراسة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق