السبت، 3 سبتمبر 2011

ابو طبر كأول لُبنة لاعادة انتاج دراما فنية عراقية واعدة

التاريخ : الأحد 04-09-2011 12:32 صباحا                                                                                                                                                
 
نقلا عن شبكة عراق القانون الاعلامية

                                                                                                                                                      
 بقلم / حميد الشاكر 
  .في دراما رمضانية افتقدها الشعب العراقي منذ بداية ثمانينات القرن المنصرم أطلّ علينا الفن العراقي في رمضان 1432 هجرية من جديد بمسلسل هو لا ابالغ ان قلت انه الخطوة الاولى بالفعل في اعادة بناء (  فن درامي )عراقي كنت قد كتبت عنه كثيرا في لغة نقدية فكرية  قبل ان تكون لغة نقدية فنية حول المستوى الذي وصل له الفن العراقي منذ بدايات السبيعينات تنازلا حتى الثمانينات حيث مات الفن الدرامي العراقي ودفن ، والى ماقبل رمضان 2011 م ، المصادف 1432 هجرية حين بدأت رائحة الفن العراقي تخرج لتزكم الانوف برائحتها البشعة التي اوصلت الفن العراقي  الى مجرد سفاهات ، وقرقوزات تتقافز هنا وهناك باسم الكوميديا والى سيناريوهات غاية في الانحطاط ، والى ممكيجات عاريات راقصات غاية في البذاءة والتناطعات..





ولكن وعلى حين غرّة اطلّ على العراقيين مسلسل ( ابو طبر ) تاليف الكاتب حامد المالكي واخراج سامي الجنادي مع كوكبة من فناني العراق الذي يبدؤن بناهدة الرماحي والقرشي والسنيد.... ولاينتهون عند عد تنازلي من نجوم محبوبين للفنانين العراقيين ليعيدو لنا ثقتنا كعراقيين ان مازلنا بالامكان ان نبدع في اكثر من مجال ، ومازالت هذه الامة ولود  وبامكانها ان تستثمر التغيير العراقي الجديد لتعيد بناء شخصيتها الفكرية والعلمية والفنية والسياسية المبدعة !!. والحقيقة انا هنا لا احاول تقييم هذا العمل الدرامي فنيا ، ولا فكريا ، او اجتماعيا بصورة معمقة بسبب ان هذا سيحتاج الى الكثير من الاستفاضة لتناول هذا العمل الدرامي الذي يتصل باكثرمن بعد للعراق ككل فابو طبرليس هو فقط حكاية شعبية عراقية مثيرة للدراما فحسب  ومنفصلة عن بعض خصوصيات الحياة الاجتماعية العراقية هنا وهناك ، ولا ايضا مسلسل ابو طبر ، هو علامة درامية فنية عراقية نكرة كي لاتستحق الوقوف عندها باطمئنان وتمتع بل ان ابو طبروقصته والدرما الذي طرحها الماكي والجنادي ترتبط بالحياة العراقية كلها  وهي اذا اردنا تناولها بما تستحق ، فلابد ان نعالجها بصورة  متكاملة ، لحياة امة عراقية كاملة الابعاد السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية ... وغير ذالك !!.لكن كما يقال مالايدرك كله لايترك جله ويكفي هنا الى ان نشير الى رؤوس اقلام فنية وفكرية حول الفن الدرامي العراقي والمأمول له بعد نقطة ابو طبراو مرحلة ابو طبر الدرامية ، لنصل في المستقبل القريب انشاءالله  الى تكامل حقيقي وجاد لصناعة دراما فنية عراقية هي اليوم (الفن الدرامي) اخطراسلحة الدفاع والهجوم الجماهيرية والثقافية والسياسية...الخ  لاي امة تريد ان يكون لهاوزن وثقل بين الشعوب والامم من خلال الفن  ومايخترقه هذا المارد او هذه الصناعة من اسوار داخل الشعوب  والامم متجاوزة للجغرافية وللحدود وللسواتر بين البشر بلا غزو مدافع وحروب ودبابات ودماء وضحايا وكوارث !!. نعم لابد ، او حان الوقت ان ينظر العراقيون اليوم  الى الفن بصورة مختلفة  جدا فكريا وسياسيا وحتى اجتماعيا ،  ليدرك حتى صاحب القرار الديني والسياسي ان الفن من اخطرما صنعته البشرية القديمة والحديثة من اسلحة وايدلوجيات وافكار وان بامكان اي امة ومهما كانت صغيرة ، او كبيرة ان تصنع وجودها واحترامها وشخصيتها ، لتطرح نفسها امام العالم  ، كامة بامكانها ان تصنع حضارة السلام والكلمة والصورة والصوت والنغمة والمحبة قبل صناعتها لقنابل النابالم والقنابل النووية والكيميائية ...،  وباقي التدميرات اللانسانية للحضارة وللانسان وللبشر ولاينبغي ان يغيب  عن بال اي عراقي مهتم ببناء شعبه ان الفن ورقيه هو راس هرم حضارة اي شعب كما العلم وتطوره والاخلاق ورقيها ....، فكل هذا ان وجد في امة من الامم دلل ، وبلا لبس على ان هناك حضارة وانسان ورقي يقف خلف هذا التطور الفني لهذا الشعب ، ويمثل بلا ريب قاعدته !!. وعلى هذا الاساس ، نحن ننظر الى هذه الخطوة البسيطة في فن الدراما العراقية الذي غابت طويلاعن ساحة الفعل العراقي والعربي والاسلامي والعالمي ليعود لنا بمنتج هو ليس القمة بالطبع ، ولكنه الارضية  التي سيقف عليها بناء فن درامي عراقي رصين وجيد وفاعل ومؤثر ..... في مجالات اجتماعية وتربوية وسياسية وثقافية ، وفكرية تحاول ملامسة تاريخ ، وهموم  وتطلعات الانسان العراقي بفن عراقي يخترق الجغرافية الوطنية ليمتد الى الاقليمية العربية والاسلامية ومن ثم الانسانية العالمية  !.والواقع ان مسلسل ابو طبر قد اثار الكثير من الاقلام العراقية النقدية والفنية والفكرية والسياسية للكتابة حول فحوى ومضمون وتقنية وانتاجية واخراج وتاليف وتوثيق هذا العمل الدرامي العراقي ، ومن عدة زوايا متنوعة ومختلفة فقد كتب بعض النقاد ممن تناول هذا العمل الدرامي  الذي نزل باسم مسلسل  ابو طبر ان فيه الكثير من السقطات المهنية والتوثيقية وكذا حتى السقطات الاخلاقية والاجتماعية والسياسية ....، التي خصمت بعمق من رصيد ومكانة هذا المسلسل الدرامي والفني ، وعلى معظم الاصعدة السياسية ، والفكرية والتاريخية التوثيقية والاجتماعية العراقية  ، وكذا هناك من النقاد من طرح ، حتى نوايا القائمين على هذا العمل الفني ، وانهم ارادوا استغلال واستثمار قصة  وحكاية المجرم ابو طبر الشعبية العراقية كي تكون منصة لتصفية حساباتهم السياسية  مع النظام البعثي الصدامي المباد ، مما اساء لتقنية العمل فنيا ، ودفعه ليغرد خارج سرب الحقيقة  والفن والابداع المجرد من الاغراض والدوافع  وبمختلف توجهاتها !!. والحقيقة انا ليس في وارد الذهاب مع َمن اراد ان يجرّد الفن والدراما من خيالها الواسع والخصب  ليمارس عملية عقم لرحم الخيال الفني لكل عمل درامي معتمد على التاريخ وحقائقه او اباطيله ، ومن ثم  لينتقد مسلسلا فنيا دراميا كبيرا كابو طبر بسبب انه استطاع ان يوضف الخيال  والدراما بكل اشكالها وحتى الكوميديا السوداء في سبيل انتاج عمل تاريخي ، مخلوط بعجينة كثيفة من الخيال ، لامتاع المشاهد من جهة وطرح الحكاية التاريخية بفنية ليست سردية من جانب اخر !!. كما انني لست من الذين يرون انها لجريمة كبرى ان تكون للدراما والفن خلفيات ودوافع سياسية او اخلاقية او فكرية او دينية من هنا وهناك  مع ادراكي ان هذه الدوافع والخلفيات ربماتخدش حقيقة التاريخ في سبيل  الدرامااوربما تنتقص من قيمة الحقائق داخل اي عمل فني ، يحاول  قلب القناعات ،  لهذا المشاهد او ذاك سياسيا او فكريا او اخلاقيا دينيا !!.وبالعرض انا ليس مع من لايفهم بالدراما ،  وفنها اي شيئ لينتقد ( مثلا ) كثرة الخمور وشاربيها او كثافة دخان السجائر ومتعاطيها ... لمسلسل درامي تاريخي سبعيني مثل مسلسل ابو طبر باعتبار ان هذه المناظر وتلك السلوكيات السبعينية تخدش الحياء العراقي ، وكرامة العائلة العراقية  عندما كان يتلصص الجار على جارته برضا من شقيقها السكير والافاق والحرامي العاطل !!.فهذامن وجهة نظري وظيفة الفن الدرامي المبدع والصادق الذي ينبغي ان يطرح الصورة ، ولاسيما التاريخية منها  بادق تفاصيلها الاخلاقية ، والفكرية كنقل لفن الحدث ، والدراما بدقة وموضوعية ، وليقول من ثم للعراقيين في مسلسل درامي كمسلسل ابو طبر بالتحديد : انه هكذا كانت بدايات انهيار العراق سياسيا واخلاقيا وهكذا كان  الواقع السبعيني الاجتماعي والاخلاقي والفكري والسياسي... كمقدمة انتجت الدمار والدكتاتورية والخراب والفساد وكل الكوارث...الخ  ليصبح واضحا لدى المتلقي ، والمشاهد العراقي المقدمات ، التي انتجت  له نظاما سياسيا كنظام المقبور صدام حسين واخلاقا ، كالتي خلفها حزب البعث داخل المجتمعية العراقية انذاك لتكون نتيجة الخمور وكثرتها وغياب الضمائر وانتزاع الغيرة من الرؤوس هي تسلط عائلة البعث التكريتية سياسيا ، واراذل الناس اجتماعيا ...على العراق والعراقيين !!.صحيح اليوم وبعد عقود من زمن السبعينات ، لابو طبر ومرحلته بدأت مشاعرنا تتقز  لمناظر انتشار الخموروكثافتها في كل مكان آ نذاك كما ان الاخلاق العراقية اعادة توازنها بعد انحلال صاحب انقلاب 1958م القاسمي وما تبعه من انحلالات قومية وبعثية جردت حتى الانسان العراقي من غيرته على شرفه وعرضه عندما يرى لحمه ينام تحت انظار الساقطين ،  لكن هذا لايعني غياب او الغاء المقاييس الفنية للدراما  وكيفية نقلها لصورة  كل عصر بعصره دراميا وعلى ماكانت عليه من اخلاق وافكار وسلوك ورقي او انحطاط  وليس كما نريده نحن ان يكون على هذه الصورة او تلك هذه الايام !!.

   
نعم احترم الابداع الفني عندما يكون من اجل الفن  وايصال الحقيقة كما هي لكن مثل هذه الرؤية متعذرة الوجودالبشري في عالم الفن  اليوم لاسيما ان ادركنا ان الفن اصبح صناعة تجارية في الزمن الراسمالي المادي مع الاسف اكثرمنه مهنة لنقل الحقيقة والجمال فقط للاخرين من جهة  وان الفن بطبيعته يموت خارج بحر الخيال وقائم على معادلة تلقي المشاهد ، كمعادلة ينبغي ان ياخذها بنظر الاعتبار صاحب هذه الصناعة لاسيمافن الدراما التلفزيونية التي تلعب على اوتار المشاهد العاطفية والخيالية اكثر من لعبها على جانبه الفكري والعقلي من جانب اخر !!. وعلى هذا الاساس ذكرتُ ان العمل الدرامي الفني الذي طرح في رمضان 1432 هجرية باسم (( ابو طبر )) هو ليس القمة للدراما الفنية العراقية ولاهو المأمول والمنتهى ، لانتاج هذا الفن الرائع للامة العراقية ،  كأمة في مخزونها الكثير من المبدعين والابداع الذي بحاجة فقط الى فرصةللتنفس والتعبيربحرية كي يستطيع بالفعل هذا الانسان ان يخرج مالديه من فكر وانتاج وابداع في اكثر من مجال من مجالات الحياة الانسانية !.وصحيح ان في العمل الدرامي المميز(ابو طبر)الكثيرمن العورات الفنية والاخرى التقنية والثالثة التوثيقية ... وهكذا الفكرية ، ففي المسلسل مما لاحظناه شخصيا ولم يكتب عنه الاخرون تترات مقطعة ، للمشاهد بتقليدية شوهت  تتابع وتسلسل احداث المسلسل  بحيث لم نتعرف على بطل الحدث وعائلته الابعد مرور عشرين حلقةمن المسلسل وفيه اختناق التصويروالصورةداخل غرف مظلمة كان بالامكان اضافة ابعاد فنية رائعة على كل العمل ، لوكانت بعض المشاهد  للمسلسل تناولت حياة بطل المسلسل ابو طبر (والذي جسده المبدع كاظم القريشي) وهو في المانيا لتصوير بعض المشاهد في المانيا ، كما يحدث اليوم للدراما العربية التي اخترقت حدود الجغرافية  للصور المحلية للتصوير في فرنسا ، او جنوب افريقيا او تركيا اوايطاليا اوامريكا ... وغير ذالك ، وكم هي كانت لفتة فنية راقية  داخل مسلسل ابو طبر ، عندما استضاف العمل الفنانة السورية ( نادين قدور ) لتجسد شخصية عشيقة ابو طبر اليهودية وبلكنتها ، التي تحاول تقليد  اللهجة العراقية بصعوبة لتعطي انطباع اللغة اليهودية العراقية القديمة ، ففي استضافة ممثلة غير عراقية شعر المشاهد العراقي بكسرللتقليدية الفنية العراقية التي تسيطرعلى معظم الاعمال الدرامية العراقية تقريبا من جهة ومن جهة اخرى لوكان اصحاب العمل قد استعانوا بممثلة عراقيةلهذاالدورلفقد الدورحتى مصداقيته في ضميرالمشاهد لانه سيستمع الى لغة عراقية لاتنقل له الاجواء الواقعية لعشيقة ابو طبر اليهودية وهذا مانعنيه بالتجديد في رؤية الفن العراقي !!.وهكذا لم يشر العمل من بدايته الى نهايته الى دوافع ، ومبررات سفر بطل العمل ابو طبر الى المانيا ، ولم يتناول العمل هذا الجانب ، ولا بايحاءه او مشهد ليربط المشاهد مع احداث حياةالبطل  بصورة متكاملةمما جعل المشاهد يفقد حلقة مهمة جدا من حياة بطل العمل ابوطبر والاجابةعلى سؤال لماذاسافر ابوطبر الى المانيا وهل كان دور للحكومة بسفر ابو طبر وماذا كان يعمل ابو طبر في ذالك البلد ؟. كل هذامع الاسف لم يعالجه العمل بفنية مترابطةكما ان القائمين على العمل ايضا لم يتعاملوا بتقنية مع مَشاهد أم طبراو ام  حاتم كاظم هضم (جسدت الدور سليمة خضير) التي كانت فوق الرائعة بلهجتها العوجاوية البدوية العشائرية الغارقة في التقليدية والتي اعادت  الى اذهان المشاهدين العراقيين جميعا  صورة ام الطاغية المقبور صدام حسين صبحة طلفاح وهي تقسم على رحمها بالقطع ان كان حمل نطفة خلقت طفلا سفاحا مجرما كابو طبر !!.كانت هذه المرأة وبمشاهدها المعدودة لتغير  صورة العمل كله فنيا لو كان مخرج العمل فقط ، او كاتبه قد ذكرها في الحلقات الاولى والوسطى لهذا العمل والاخيرة لتلعب الدراما العراقية الفنية على عمق التناقضات القيمية في العائلة ، والعشيرة العراقية بصورة ، اعلى قيمة من التربوية ، ولشاهدنا معالجة درامية فنية تتناول الابعاد التربوية والعشائرية البدوية التي صنعت ابو طبر وصاغته واحكمت بنيانه قبل  ان تنزله للمدنية والمدينة وبغداد ليكفر بكل القيم الحضارية بداخلها وليتخذ من الجريمة ، والرعب كمميز لابن البداوة  في قسوته وتنافره مع العالم والحياة والقانون والسلم واحترام الخصوصية الادمية للافراد !!.وهكذا اذا اردنامحاكمة العمل من الناحيةالفكرية ايضا لاسيما توجهات كاتب العمل الغير خافية في تحامله او قصو رؤيته حول الاسلاميين واظهارهم في عمله على اساس انهم تجسيد لمقولةالانغلاق والتطرف في المشاعر والعدائية الدائمة فيمكن هنامؤاخذة الكاتب على ان الزمن الذي يتحدث المؤلف داخله من سبعينيات القرن المنصرم كان الاسلاميون كلهم تقريبا تلامذة مدرسة الفيلسوف الصدر في العراق مما كان من الانصاف على كاتب العمل  ومخرجه ان يكونوا اكثر فنية درامية في تجسيد الشخصية العراقيةالاسلامية وانهاشخصية في جانب منها يوجد الكثير من العوام طبعالكن من الجانب الاخركان في الاسلاميين الكثير من المثقفين والواعين الذي انتجتهم المدرسة الاسلامية السبعينيةحالهم بذالك حال الشيوعيين العراقيين الذي فيهم الواعي وفيهم المتطرف الجاهل والمنغلق والمتعصب وفيهم من  سحل الناس بالشوارع ومن علق المشانق لخنق الحريات !!.لكن يبدو ان  ميول اصحاب العمل ارادوا اظهارصورةالاسلاميين في العراق بهذه الصورة لصناعة فوبيا اجتماعية ضد الاسلاميين اليوم في العراق ،واضفاء طابع الثقافة العراقية وحصرها في الشيوعيين تحديدا !!.نعم صحيح الزمن السبعيني كانت الجولة لم تزل  والسيطرة الثقافية كذالك لكوادر الشيوعية المبادةلكن هذا لايعني ان ليس هناك مدرسة استطاعت ومحلياان تطرح فكرا اسلاميا اجتماعيا ، وفلسفيا اعلى من الشيوعية ، مضافا الى ان الشيوعيين العراقيين استوردوافكرهم من الغرب والشرق بينما اسلاميوا العراق انتجوا فكرهم العراقي الوطني المحلي من خلال اطروحات العراقي  السيد الفيلسوف محمد باقر الصدر وتلامذته !!.يتبقى لنا على العمل الفني الدرامي ابو طبر ملاحظة نقدية واحدة ، ونحن عندما نشير الى ملاحظات نقدية ، فلا نعني بالنقد تهديم اوتشويه هذا الجهد الرائع الذي بذله كل العاملين في هذا المسلسل ، وانما نشير الى نواقص وما غفل عنه العمل او المكملات ، التي لو كانت متوفرة  ، لكان العمل اصبح اكثر تكاملا وفنية ورقيا ليرفع من ثم اسم العراق والعراقيين في المجال الفني عاليا محليا واقليميا وعالميا وهذه الملاحظة تتلخص بحاجة الفن العراقي اليوم بصورة عامة والدراما بصورة خاصة الى رؤية مؤسسة للفن كفن ، وليس لرؤية سياسية او ايدلوجيه او دينية او اجتماعية ... تقف خلف هذا العمل او ذاك !!.بمعنى : انه وعند العودة للمجتمعات ، والدول السابقة لصناعة الفن على العراق ومجتمعه نجد ان العمل الفني الواحد وخاصة القائم على الحكاية الشعبية المؤسطرة لاي مجتمع يأخذ اكثر من رؤية فنية واحدة ، لتغطى الحكاية والاسطورة الشعبية من اكثر من جانب ورؤية حتى يتكامل الفن الدرامي نهائيا في طرح هذه الحكاية او تلك ، فالعمل الفني المصري المعروف (( ريا وسكينة )) كحكاية شعبية تشبه الى حد بعيد حكاية ابو طبر في نشر الرعب والجريمة داخل المجتمع المصري قد استطاعت الدراما المصرية ان تنتج اكثر من عمل فني يتناول هذه الحكاية وباساليب ورؤى مختلفة ومتعددة فنيا  ، وهذه الحكاية لم يتعامل معه المصريون من خلال الدراما التلفزيونية فحسب ولاكثر من عمل ومسلسل تناول هذه الحكاية بل ان المسرح والسينما ايضا شاركت دراميا من خلال الكوميديا والتراجيديا والميلودراما لتصنع من هذه الحكاية الشعبية لمجرمتيت اخوان مؤسسة ومدرسة فنية درامية متكاملة طرف فيها الفن المصري اكثر من وجهة نظر سياسية واقتصادية واجتماعية واخلاقية لظاهرة (( ريا وسكينة )) اللتان كانتا تختطف النساء لقتلهن وسرقة حليهن ودفتهن من ثم في سرداب البيت او في الساحة الوسطى للدار !!.وهكذا عندما ندعو الفن العراقي ليكون مؤسسة وصاحب رؤية لاتمتهن الفن باعتباره ضربة حظ لهذا العمل او ذاك ، بل على الفن بالعراق ان يتحول الى صناعة رؤية للفن ، وليكن مثلا العمل الفني العراقي (( ابو طبر )) اللبنة الاولى  التي يؤسس عليها الفن العراقي صرح فنه الدرامي الذي تاخر كثيرا وكثيرا جدا جدا !!.ان حكاية شعبية وحدث وتاريخ عراقي فيه ابو طبر لايمكن لعمل فني ان يغطي جميع ملابساته السياسية والفنية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي عاصرت ظاهرة ابو طبر ،  كما لايمكن لا للكاتب المبدع حامد المالكي ، ولا للمخرج سامي الجنادي ان يحيط بكل هذا الحدث وهذه الظاهرة السبعينية لتاريخ العراق القريب ، وعلى هذا الاساس ومن جانب اخر على الفن العراقي نفسه ان لايكتفي برؤية واحدة تتناول حدث وظاهرة وحكاية شعبية بضخامة ابو طبر بمجرد رؤية وعمل واحد لاغير ، بل عليه ان يتخذ من حكاية ابو طبر وقصته مادة لبناء فن درامي يمتلك الرؤى المتعددة في مجال عمله الفن العراقي بصورة عامة ليلعب على حكاية ابو طبر فنيا ودراميا وفي  جميع الاتجاهات التلفزية للمسلسلات والسينمائية وهكذا المسرحية ليعاد انتاج ابو طبر على اكثر من صعيد وباكثر من رؤية اجتماعية وسياسية وفكرية !!. في حكاية (( ريا وسكينة )) المصرية الشعبية اعاد الفن المصري رؤية الحكاية في اكثر من عشرة اعمال متنوعة بين التلفاز والمسرح والسينما ، وهكذا ينبغي ان يكون في ابو طبر عندما يعاد انتاج هذا العمل من خلال رؤية فنية مختلفة عن ماطرحه المالكي والجنادي لهذه الشخصية العراقية المعروفة !!.في مسلسل ابو طبر الذي طرحه الثنائي المالكي والجنادي كانت الرؤية السياسية هي الطاغية على العمل كله ، وهذا من روائع المالكي ،والجنادي في العمل الذي امتع المشاهد العراقي في رمضان  ووضح لهم بعض مقدمات (الانهيار) العراقي السياسي الخطير من جهة وافاد واسس لفن عراقي درامي ناهض يلامس تاريخ العراق وهمومه ومايفيد نضج وعي العراقيين من جانب اخر ،لكن نحن كعراقيين مازلنا بحاجة لرؤية ابو طبر اجتماعيا وكذا تربويا في كيف نشأ ابو طبر وكيف تربى وهل اصوله القبلية لها دخل باجرامه المنقطع النظير ....الخ ، وهكذا نحن بحاجة لرؤية فنية اخرى وبعمل يتكامل مع ما اسسه المالكي والجنادي للعوامل الاقتصاديةالتي صنعت ابو طبر داخل العراق وكيف ان الجانب الاقتصادي بامكانه ان يصنع ملاكا للمجتمع وبامكانه ان يخلق وحشا لايرحم حتى الرحمة داخل اي مجتمع وبيئة ؟.....الخ !!.كل هذا كما يحتاج له الفن الدرامي العراقي ، فايضا نحن بحاجة اليه كمجتمع يريد ان يدرك كيفية التخلص من نموذج ابو طبر ، وعدم تكراره داخل نسيج المجتمعية العراقية مابعد التغيير العراقي الجديد ، ولايمكن خلق هذا الوعي من خلال الفن الا اذا كان للفن العراقي رؤية فنية مختلفة لها القدرة على تناول الحدث والاسطورة والحكاية والظاهرة الشعبية العراقية  من  خلال اكثر من زاوية واكثر من عمل فني درامي واكثر من مؤلف مبدع ومخرج مبدع  و من تج وطني يحب الفن كرسالة يخدم فيها وطنه العراق ويربح مالا في نفس الوقت !!.                                                                                                                            




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  (حين وقفت الحرب) كنت ألعب البليارد في محل ماجد النجار في منطقتي القديمة، حي الأمانة، وكنت لاعبا قويا، ولكن مثل الحياة، حتى اللاعب القوي في...