الكاتب: محمد غازي الاخرس
06/08/2011
06/08/2011
شخصيا لا أتذكر عن " أبو طبر" أي شيء واضح سوى أطياف خوف تتمثل في إحكام غلق الأبواب ليلا وتناقل الشائعات نهارا . أتذكر أن عمي زعم أن صديقه كان يراه يوميا قرب مكان عمله ، وكان " أبو طبر " يحذره بسخرية قائلا ـ دير بالك من أبو طبر ! فضلا عن ذلك فأنني لا أتذكر شكل أحد من العصابة التي أمسكوا بها وعرضوها في التلفزيون إلا اللهم أمرأة تلبس " جرغد " قيل لي لاحقا أنها أمه. مع هذا فقد حدثني أحد أنسبائي قبل أيام عن شيء طريف كان شاهدا عليه في قطاع 8 بمدينة الصدر. وإليكم الحكاية ؛ كلب يدخل ذات ليلة إلى بيت الزايرة "عكبايه" ويرقد في غرفة متروكة من غرف المنزل ، تدخل الزايرة فترى شيئا أسود منطرحا فتهرب وهي تصيح ـ ها يالأولاد ها ..أبو طبر عدنه بالبيت ، مسدوح ولابس أسود بأسود وطبره يمه !
ومع الصيحة المستغيثة يتقاطر الرجال والنساء والأطفال في القطاع ويحاصرون المنزل بالتواثي والسكاكين . يسألونها ـ شفتيه بعينج زايرة ؟ فتجيب بالإيجاب وتصفه بدقة ـ مطروح ومنتجي على الحايط وطبره بيده ! يقرر الرجال مهاجمة البيت فيمنعهم كاظم ناصر فهو الوحيد الذي يملك مسدسا " أبو البكرة " ويقول لهم ـ تانوني خل أجيب المسدس وأنه اتفاهم وياه . بعد حين يدخل كاظم ناصر يرافقه سيد علي إلى باحة الدار ويبدآن التفاوض معه . يقول له أحدهما وهو يرتعش ـ ابو طبر ..كبل ما تجي الحكومة أطلع وكفنه شرك . ثم يقسم له أنهم لن يؤذوه فهم لا يطلبونه بثأر. ثم يضيف الآخر ـ راح نميّل عنك وأطلع بهداي وأعبر على بيت " لفته " وروح ، سايمين الله ومحمد وعلي عليك... ثم يقول له بلهجة متوسلة ـ كفنه شرك يا بو طبر .
ويستمر التفاوض مع " أبو طبر" قرابة ساعة كاملة ، النساء تنتظر المعركة والأطفال بمن فيهم نسيبي يتشوقون لرؤية بطل الدربونة كاظم ناصر وهو يقضي على المجرم الذي دوخ البلاد والعباد. لكن الساعة تمضي بالتوسلات تارة وبالتهديدات تارة أخرى دون أن يتطور الحدث الدرامي إلى ذروته المتوقعة. وهنا تتبدل اللهجة فيصرخ أحد الرجلين ـ عمي " أبو طبر" أنطيناك الأمان وإذا ما تطلع تره نترس بطنك رصاص .. ومع هذا يأبى المجرم أن يخرج ويريحهم وبالمقابل هم أيضا يخشون اقتحام الغرفة التي ادعت الزايرة وجوده فيه . فالرجل كان " أبو طبر " ومهاجمته قد لا تكون سهلة .
وبعد أن يفيض صبر المحاصرين يتقدم كاظم ناصر بجرأة قل نظيرها ثم يطلق رصاصة في ظلام الغرفة فيتصاعد صراخ النسوة ويهرب الأطفال. ومع الأطلاقة يعوي الكلب الراقد في العتمة ويخرج راكضا فيركض الرجلان أمامه ثم يخرج الثلاثة من باب واحد وسط صراخ مجنون من الجميع . يقول نسيبي أنه لن ينسى تلك اللحظة ؛ خرج الكلب راكضا في جانب بينما هرب الرجلان من جانب آخر .
وهنا تنتهي القصة برواية " أبو علي" . تتحول محاصرة المجرم إلى ملهاة اجتماعية بتوقيع من زايرة "عكبايه " التي ربما رأت الكلب يرقد قرب حائط ما ثم صنع لها خوفها من " أبو طبر " صورة له هي تلك التي نقلتها لأبناء القطاع ..؛ مسدوح ولابس أسود بأسود وطبره يمه ..الله على تلك الأيام !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق